وادي رم

 وادي رم، واد سياحي طبيعي يقع جنوب الأردن على بعد 250 كيلو متر جنوب العاصمة عمان و70 كيلومتر شمالي مدينة العقبة الساحلية بالقرب من الحدود الأردنية السعودية. يسمى أيضاً بـ «وادي القمر» نظرًا لتشابه تضاريسه مع تضاريس القمر.[2] في عام 2011 أدرجت منظمة اليونسكو محمية وادي رم ضمن قائمة التراث الطبيعي العالمي،[3] وفي عام 2019 أعلن الاتحاد الفلكي الدولي في مؤتمر صحفي عالمي عن تسمية النجم (واسب-80 باسم (بترا) وتسمية الكوكب الذي يدور حوله باسم (وادي رم).[4]

وادي رم هو صحراء متنوعة التضاريس يسوده المناخ الصحرواي ويقع ضمن حدود صحراء حِسمى وهي واحدة من أكثر الصحارى جمالًا في العالم، وتتميز جبالها الصخرية بألوانها البيضاء والصفراء والحمراء والبنية، وبتشكيلاتها الجغرافية المميزة. يحتوي وادي رم على مجموعة من الأودية الضيقة والأقواس الطبيعية والمنحدرات الشاهقة والطرق المنحدرة، فضلاً عن أكوام كبيرة من الصخور المنهارة وعدد من الكهوف والآلاف من المنحوتات الصخرية والنقوش، كما يضم أعلى القمم الجبلية في جنوب بلاد الشام وهما: جبل أم الدامي وجبل رم.

تعد صحراء وادي رم موئلًا لبعض النباتات الصحراوية ولمجموعة مدهشة من الطيور الصغيرة مثل طائر القبرة الصحراوية، بالإضافة إلى الزواحف والثدييات الصغيرة، ومع غياب الشمس تظهر أنواع فريدة من الحيوانات البرية كالأرنب البري والثعالب وهررة الرمال، وفي أوائل فصل الربيع والخريف يصبح وادي رم طريقًا مهمًا للطيور المهاجرة بين إفريقيا وأوروبا الشرقية خاصةً للطيور الجارحة التي من الممكن رؤية المئات منها في يوم واحد.

صورت العديد من الأفلام في وادي رم مثل فيلم لورنس العرب وفيلم المريخي، إذ جذب الوادي صانعي الأفلام خاصة أفلام الخيال العلمي التي تدور أحداثها على كوكب المريخ بسبب التشابه الشديد بين تضاريس وادي رم وكوكب المريخ، ويعتبر وادي رم من أكثر المناطق السياحية في الأردن التي يزورها السياح من جميع أنحاء العالم كونه يجسد تطوُّر الفلاحة والزراعة والحياة الحضرية في المنطقة، ويمكن للسياح ممارسة العديد من الأنشطة مثل رياضة تسلق الجبال وركوب المناطيد والقيام برحلات على ظهور الخيول والجمال أو باستخدام سيارات الدفع الرباعي ويقام فيه سنويًا سباق الإبل وهو الحدث الأول من نوعه في الأردن، بالإضافة إلى أنَّ وادي رم يعتبر من أفضل الأماكن في الأردن لمشاهدة النجوم والمجرات ورصد زخات الشهب.

التسمية[عدل]

لا يعرف بالضبط سبب تسمية وادي رم بهذا الاسم، هناك اعتقاد بأن اسم «رم» أُخذ من القرآن من الآية 7 من سورة الفجر  أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ  إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ  الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ   ولكن ما من دليل واضح وصريح على صحة هذا الإعتقاد، وقيل أن وادي رم سمي قديمًا بـ «آرام» أو «إرم» والتي تعني الأشكال والتصاميم على الأحجار (مثل النقوش).[5] بينما ذكر بعض المؤرخين أن اسم المنطقة اكتسب من قائد الآشوريين (آشور) الذي اجتاح المنطقة الجنوبية بلاد الشام في القرن الثامن قبل الميلاد.[5]

وصف ياقوت الحموي في كتابه «معجم البلدان» صحراء حِسمى قائلًا:[6] «بالكسر ثم السكون، مقصور، يجوز أن يكون أصله من الحسم وهو المنع: وهو أرض ببادية الشام، بينها وبين وادي القرى ليلتان، وأهل تبوك يرون جبل حسمى في غربيّهم وفي شرقيهم شرورى، وبين وادي القرى والمدينة ست ليال»

تاريخ[عدل]

استوطن الناس في وادي رم منذ آلاف السنين وكافحوا من أجل البقاء في بيئته القاسية، كانوا هؤلاء الناس من الصيادين والرعاة والمزارعين والتجار. كما احتل الأنباط ذات يوم وادي رم، تاركين وراءهم العديد من الآثار والنقوش بما في ذلك معبد يُعرف اليوم باسم «المعبد النبطي».[7] وقد دلَّت البحوث والنقوش التي عُثر عليها إلى أنَّ أول استيطان للإنسان في وادي رم يعود تاريخه إلى العصر الجليدي قبل نحو 10,000 عام وكانت المنطقة مليئة بالينابيع ومناخها معتدل وتتوفر فيها المياه الجوفية بكثرة.[5]

نقوش أثرية عثر عليها على صخور في وادي رم

تعاقبت العديد من الحضارات والأمم على وادي رم بسبب موقعه الجغرافي المميز الواقع بين شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام، كالإدوميون والأشوريون والبابليون والفرس واليونان والأنباط وانتهاءً بالعصور الإسلامية.[8]

ولعل المؤرخ الروماني بطليموس هو أول من ذكر وادي رم، الذي سماه (أراموا) في قائمته للمدن الواقعة في العربية السعيدة، مما يدل على وقوع الوادي ضمن شبكة التجارة الإقليمية. اعتبر علماء الآثار إلى حد كبير الموقع المعزول مرتبطًا بشكل عرضي بالمراكز الاقتصادية النبطية في البتراء وأيلة. في التسعينيات، قاد العالمان «دينين دادلي» و«باربرا ريفز» من جامعة فكتوريا مشروعًا لإعادة استكشاف الوادي وترميم آثاره، وكشفت الدراسات عن وجود مجمع قصور ومجمع حمامات (المجمع الشرقي) يعود للإنباط يقع على تل صغير متاخم للجانب الشرقي لجبل رم. افترض دودلي وريفز أن مجمع القصور المتقن الذي بُني في هذه البيئة القاحلة قد شُيد لإثارة إعجاب المسافرين الذين يمرون عبر المنطقة.[9][10]


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المدينة الوردية

العقبة